روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | نموذج من كذب المستشرقين.. على علماء السنة والحديث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > نموذج من كذب المستشرقين.. على علماء السنة والحديث


  نموذج من كذب المستشرقين.. على علماء السنة والحديث
     عدد مرات المشاهدة: 2680        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..

أما بعد: فقد نهج المستشرقون في غالبهم منهج التلفيق والكذب من أجل تشويه الإسلام وتنفير الناس منه، لكن كذبهم مفضوح عند أهل العلم والبصيرة.

لقد ادعى أستاذ المستشرقين اليهودي المجري جولدزيهر أن عبد الملك بن مروان منع الناس من الحج أيام محنة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وبنى قبة الصخرة في المسجد الأقصى ليحج الناس إليها ويطوفوا حولها بدلاً من الكعبة.

ثم أراد أن يحمل الناس على الحج إليها بعقيدة دينية، فوجد الزهري وهو ذائع الصيت في الأمة الإسلامية مستعدًا لأن يضع له أحاديث في ذلك، فوضع أحاديث منها:

- حديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى". متفق عليه وأحاديث أخرى..

وذكر جولدزيهر أدلة على ذلك - حسب فهمه وزعمه وجهله - من الأدلة عنده: أن الزهري - رحمه الله - كان صديقًا لعبد الملك وكان يتردد عليه، وأن الأحاديث التي وردت في فضائل بيت المقدس مروية من طريق الزهري فقط كما زعم جولدزيهر.

انظر أخي الكريم إلى منهج المستشرقين في تشويه الإسلام والكذب عليه، فدعواه هذه كذب وزور وبهتان. ودليل ذلك:

(1) اتفق المؤرخون الثقات على أن الذي بنى قبة الصخرة هو: الوليد بن عبد الملك وليس عبد الملك كما زعم جولدزيهر، ولم يقل أحد بمثل ما قاله غير الدميري صاحب كتاب "حياة الحيوان الكبرى" نقلاً عن ابن خلكان في وفيات الأعيان.

فالرواية ضعيفة وشاذة عن رواية الثقات المعروفين، وعلى الرغم من ضعفها فليس فيها ما يدل على أنه بناها ليمنع الناس من الحج إلى الكعبة.

(2) نص جولدزيهر في حادثة بناء قبة الصخرة كما أورده ظاهر البطلان بيّن الفساد! ! لماذا؟

لأن الذي يبني قبة أو بيتًا ليحج الناس إليه ويتركوا حج بيت الله الحرام هو كافر مارق من الدين مهدور الدم، فكيف يتهم الخليفة عبد الملك بن مروان بهذا، مع أن أحدًا من خصومه لم يتهمه بكفر ولا ردة، ولم يشنع عليه في ذلك - على فرض صحة نسبة ذلك إليه - مع أن الروايات الثابتة تنفي ذلك وترفضه.

(3) ثم إن الإمام الزهري - رحمه الله - ولد سنة إحدى وخمسين أو ثمان وخمسين للهجرة، ومقتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان سنة ثلاث وسبعين، فيكون عمر الزهري حينئذٍ اثنين وعشرين سنة على الرواية الأولى، وخمس عشرة سنة على الرواية الثانية.

فهل يعقل أن يكون الزهري في هذه السن المبكرة ذائع الصيت عند الأمة الإسلامية، بحيث تتلقى منه حديثًا موضوعًا يدعوها فيه للحج إلى القبة بدلاً من الكعبة! ! ؟

(4) ثم إن نصوص التاريخ قاطعة بأن الإمام الزهري في عهد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما لم يكن يعرف عبد الملك بن مروان ولا رآه في تلك الفترة. فقد ذكر الإمام الذهبي أن الإمام الزهري وفد لأول مرة على عبد الملك في سنة ثمانين للهجرة، وذكر الإمام ابن عساكر في تاريخه أن ذلك اللقاء كان في سنة اثنتين وثمانين.

وعلى كلا الروايتين فإن ابن الزبير كان قد قتل قبل بضع سنوات، وبالتحديد في سنة ثلاث وسبعين للهجرة.

ولا حاجة لبناء قبة أو وضع حديث ليحج الناس إليها بعد أن سيطر الأمويون على الحجاز كله، وقتلوا عبد الله بن الزبير الذي بويع هناك، فهذا كذب ملفق مفضوح قد كشفته أحداث التاريخ ووقائعه.

(5) ثم إن حديث: (لا تشد الرحال.. . ) الذي زعم أنه موضوع مكذوب، قد أخرجته الكتب الستة الموثوقة ' بما فيها الصحيحان البخاري ومسلم ومع كتب السنن الأربعة.

ولم ينفرد برواية الحديث الزهري - كما زعم المستشرق الأفاك، بل أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه من غير طريق الزهري، وأخرجه مسلم من ثلاث طرق: إحداها من طريق الزهري، والثانية من طريق جرير عن ابن عمير عن قزعة عنأبي سعيد.

والثالثة: عن طريق ابن وهب عن عبدا لحميد بن جعفر عن عمران ابن أبي أنس، عن سلمان الأغر، عن أبي هريرة.

فالزهري لم ينفرد بهذا الحديث كما ادعى اليهودي جولدزيهر.

(6) ثم إن الحديث رواه الزهري عن شيخه سعيد بن المسيب، ومن المعلوم أن سعيدًا - رحمه الله - ما كان ليسكت عن الزهري لو أنه وضع الحديث - وهذا غير وارد ولا متصور من إمام شهدت له الأجيال بالصدق والأمانة، وسعيد بن المسيب هو الذي أُوذي من قِبل عبد الملك.

وعاش سعيد بعد مقتل عبد الله بن الزبير عشرون سنة، حيث توفي سنة ثلاث وتسعين للهجرة، فكيف سكت عن الزهريكل هذه المدة؟ ؟ ؟ .

(7) لو فرضنا - جدلاً - أن الزهري وضع هذا الحديث إرضاء لعبد الملك فلماذا لم يصرح الزهري في هذا الحديث بفضل قبة الصخرة، حيث أراد عبد الملك من الناس أن يحجوا إليها كما افترى جولدزيهر.

وكل الذي ورد في الحديث فضل الصلاة في المسجد الأقصى بعد المسجدين المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفضل الزيارة، وجواز شد الرحال إليها بقصد الصلاة في أي من المساجد الثلاثة.

وهذا الفضل مشار إليه في القرآن الكريم في قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} . (الإسراء: 1) .

فأين ذلك الكلام الذي افتراه جولدزيهر وأنه وارد في الحديث الموضوع مما تقول به على عبد الملك وأنه أراد الحج إلى القبة بدلاً من الكعبة، ويبدوا أن المستشرق يصطاد في الماء العكر، فقد أخذ هذه الكذبة من اليعقوبي الشيعي في تاريخه، وكلامه في حق الأمويين غير مقبول؛ لأنه عدو لهم، وكلام العدو في عدوه غير مقبول.

والذي أريد أن أقوله - أخي الكريم - أن الإسلام وعلماء الإسلام وخلفاء الإسلام في سلامة وبراءة مما نسب المفترون إليهم، ونحن لا نعتقد العصمة لغير الأنبياء والملائكة، فلا عصمة للأئمة إنما العصمة للأمة فلا تجتمع على ضلالة كما بين النبي صلى الله عليه وسلم.

ولو أخطأ عالم أو إمام أو خليفة أو ملك أو أمير لبين له المخلصون والناصحون من الأمة، ففيها من لا يخاف في الله لامة لائم، فلا تسمع إلى الهراء والافتراء.

المصدر: موقع إسلام ويب